فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتقديم الاستغفار على تقدير كونهما مقصودين بالذات لمزيد اهتمامه بأمر الدين وقد يجعل مع هذا وسيلة للاستيهاب المقصود أيضًا فإن افتتاح الدعاء بنحو ذلك أرجى للإجابة، وجوز على بعد بعد التزام الاستئناف في الجملة كون الاستيهاب هو المقصود لذاته والاستغفار وسيلة له، وسيجىء إن شاء الله تعالى ما قيل في الاستئناس له.
وقرئ {مِن بَعْدِى} بفتح الياء وحكى القراءة به في لي، وقوله تعالى: {إِنَّكَ أَنتَ الوهاب} تعليل للدعاء بالمغفرة والهبة معًا لا للدعاء بالأخيرة فقط فإن المغفرة أيضًا من أحكام وصف الوهابية قطعًا، ومن جوز كون الاستيهاب هو المقصود استأنس له بهذا التعليل ظنًا منه أنه للدعاء بالأخيرة فقط وكذا بعدم التعرض لإجابة الدعاء بالأولى فإن الظاهر أن قوله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الريح} إلى آخره تفريع على طلبه ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده ولو كان الاستغفار مقصودًا أيضًا لقيل فغفرنا له وسخرنا له الريح. إلخ.
وأجيب بأنه يجوز أن يقال: إن المغفرة لمن استغفر لاسيما الأنبياء عليهم السلام لما كانت أمرًا معلومًا بخلاف هبة ملك لمن استوهب لم يصرح بها واكتفى بدلالة ما ذكر في حيز الفاء مع ما في الآية بعد على ذلك، وتقوى هذه الدلالة على تقدير أن يكون طلب الملك علامة على قبول استغفاره وإجابة دعائه فتأمل، والتسخير التذليل أي فذللناها لطاعته إجابة لدعوته، وقيل أدمنا تذليلها كما كان وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة وأبو جعفر {الرياح} بالجمع قيل: وهو أوفق لما شاع من أن الريح تستعمل في الشر والرياح في الخير، وقد علمت أن ذلك ليس بمطرد، وقوله تعالى: {تَجْرِى بِأَمْرِهِ} بيان لتسخيرها له عليه السلام أو حال أي جارية بأمره {رُخَاء} أي لينة من الرخاوة لا تحرك لشدتها.
واستشكل هذا بأنه ينافي قوله تعالى: {ولسليمان الريح عَاصِفَةً} [الأنبياء: 81] لوصفها ثمت بالشدة وهنا باللين.
وأجيب بأنها كانت في أصل الخلقة شديدة لكنها صارت لسليمان لينة سهلة أو أنها تشتد عند الحمل وتلين عند السير فوصفت باعتبار حالين أو أنها شديدة في نفسها فإذا أراد سليمان عليه السلام لينها لانت على ما يشير إليه قوله تعالى: {بِأَمْرِهِ} أو أنها تلين وتعصف باقتضاء الحال، وقال ابن عباس والحسن والضحاك: رخاء مطيعة لا تخالف إرادته كالمأمور المنقاد، فالمراد بلينها انقيادها له وهو لا ينافي عصفها، واللين يكون بمعنى الإطاعة وكذا الصلابة تكون بمعنى العصيان {حَيْثُ أَصَابَ} أي قصد وأراد كما روي عن ابن عباس والضحاك وقتادة، وحكى الزجاج عن العرب أصاب الصواب فأخطأ الجواب، وعن رؤبة أن رجلين من أهل اللغة قصداه ليسألاه عن هذه الكلمة فخرج إليهما فقال: أن تصيبان؟ فقالا: هذه طلبتنا ورجعا ويقال أصاب الله تعالى بك خيرًا، وأنشد الثعلبي:
أصاب الكلام فلم يستطع ** فأخطأ الجواب لدى المعضل

وعن قتادة أن أصاب بمعنى أراد لغة هجر وقيل لغة حمير، وجوز أن يكون أصاب من صاب يصوب بمعنى نزل، والهمزة للتعدية أي حيث أنزل جنوده، وحيث متعلقة بسخرنا أو بتجري.
{وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37)} {والشياطين} عطف على {الريح} [ص: 36] {كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ} بدل من {الشياطين} وهو بدل كل من كل إن أريد المعهودون المسخرون أو أريد من له قوة البناء والغوص والتمكن منهما أو بدل بعض إن لم يرد ذلك فيقدر ضمير أي منهم والغوص لاستخراج الحلية وهو عليه السلام على ما قيل أول من استخرج الدر.
{وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38)} عطف على {كُلٌّ} لا على {الشياطين} [ص: 37] لأنهم منهم إلا أن يراد العهد ولا على ما أضيف إليه {كُلٌّ} لأنه لا يحسن فيه إلا الإضافة إلى مفرد منكر أو جمع معرف، والأصفاد جمع صفد وهو القيد في المشهور، وقيل الجامعة أعني الغل الذي يجمع اليدين إلى العنق قيل وهو الأنسب بمقرنين لأن التقرين بها غالبًا ويسمى به العطاء لأنه ارتباط للمنعم عليه ومنه قول علي كرم الله تعالى وجهه: من برك فقد أسرك ومن جفاك فقد أطلقك؛ وقول القائل: غل يدًا مطلقها وفك رقبة معتقها، وقال أبو تمام:
هممي معلقة عليك رقابها ** مغلولة إن العطاء إسار

وتبعه المتنبي في قوله:
وقيدت نفسي في ذراك محبة ** ومن وجد الإحسان قيدًا تقيدا

وفرقوا بين فعليهما فقالوا: صفده قيده وأصفده أعطاه عكس وعده وأوعده.
ولهم في ذلك كلام طويل قال فيه الخفاجي ما قال ثم قال: والتحقيق عندي أن هاهنا مادتين في كل منهما ضار ونافع وقليل اللفظ وكثيره وقد ورد في إحداهما الضار بلفظ قليل مقدم والنافع بلفظ كثير مؤخر وفي الأخرى عكسه ووجهه في الأول أنه أمر واقع لأنه وضع للقيد ثم أطلق على العطاء لأنه يقيد صاحبه وعبر بالأقل في القيد لضيقه المناسب لقلة حروفه وبالأكثر في العطاء لأنه من شأن الكرم.
وقدم الأول لأنه أصل أخف وعكس ذلك في وعد وأوعد فعبر في النافع بالأقل وقدم وأخر الضار وكثر حروفه لأنه مستقبل غير واقع والخير الموعود به يحمد سرعة إنجازه وقلة مدة وقوعه فإن أهنا البر عاجله وهذا يناسب قلة حروفه وفي الوعيد يحمد تأخيره لحسن الخلف والعفو عنه فناسب كثرة حروفه ثم قال: وهذا تحقيق في غاية الحسن وما عداه وهم فارغ فاعرفه والمراد بهؤلاء المقرنين المردة فتفيد الآية تفصيل الشياطين إلى عملة استعملهم عليه السلام في الأعمال الشاقة كالبناء والغوص ومردة قرن بعضهم ببعض بالجوامع ليكفوا عن الشر، وظاهره أن هناك تقييدًا حقيقة وهو مشكل لأن الشياطين إما أجسام نارية لطيفة قابلة للتشكل، وإما أرواح خبيثة مجردة، وأيًّا ما كان لا يمكن تقييدها ولا إمساك القيد لها.
وأجيب باختيار الأول وهو الصحيح.
والأصفاد غير ما هو المعروف بل هي أصفاد يتأتى بها تقييد اللطيف على وجه يمنعه عن التصرف، والأمر من أوله خارق للعادة، وقيل: إن لطافة أجسامهم بمعنى شفافتها والشفافة لا تأبى الصلابة كما في الزجاج والفلك عند الفلاسفة فيمكن أن تكون أجسامهم شفافة وصلبة فلا ترى لشفافتها ويتأتى تقييدها لصلابتها، وأنكر بعضهم الصلابة لتحقق نفوذ الشياطين فيما لا يمكن نفوذ الصلب فيه وأنهم لا يدركون باللمس والصلب يدرك به.
وقيل: لا مانع من أنه عليه السلام يقيدهم بشكل صلب فيقيدهم حينئذٍ بالأصفاد والشيطان إذا ظهر متشكلًا بشكل قد يتقيد به ولا يمكنه التشكل بغيره ولا العود إلى ما كان، وقد نص الشيخ الأكبر محيي الدين قدس سره أن نظر الإنسان يقيد الشيطان بالشكل الذي يراه فيه فمتى رأى الإنسان شيطانًا بشكل ولم يصرف نظره عنه بالكلية لم يستطع الشيطان الخفاء عنه ولا التشكل بشكل آخر إلى أن يجد فرصة صرف النظر عنه ولو برمشة عين.
وزعم الجبائي أن الشياطن كان كثيف الجسم في زمن سليمان عليه السلام ويشاهده الناس ثم لما توفي عليه السلام أمات الله عز وجل ذلك الجن وخلق نوعًا آخر لطيف الجسم بحيث لا يرى ولا يقوى على الأعمال الشاقة، وهذا لا يقبل أصلًا إلا برواية صحيحة وأنى هي، وقيل: الأقرب أن المراد تمثيل كفهم عن الشرور بالأقران في الصفد وليس هناك قيد ولا تقييد حقيقة.
{هذا عَطَاؤُنَا فامنن أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} إما حكاية لما خوطب به سليمان عليه السلام مبينة لعظم شأن ما أوتي من الملك وأنه مفوض إليه تفويضًا كليًا، وإما مقول لقول مقدر هو معطوف على {سَخَّرْنَا} [ص: 36] أو حال من فاعله أي وقلنا أو قائلين له هذا الخ والإشارة إلى ما أعطاه مما تقدم أي هذا الذي أعطيناكه من الملك العظيم والبسطة والتسليط على ما لم يسلط عليه غيرك عطاؤنا الخاص بك فأعط من شئت وامنع من شئت غير محاسب على شيء من الأمرين ولا مسؤول عنه في الآخرة لتفويض التصرف فيه إليك على الإطلاق، فبغير حساب حال من المستكن في الأمر والفاء جزائية و{هذا عَطَاؤُنَا} مبتدأ وخبر، والإخبار مفيد لما أشرنا إليه من اعتبار الخصوص أي عطاؤنا الخاص بك أو يقال: إن ذكره ليس للإخبار به بل ليترتب عليه ما بعده كقوله:
هذه دارهم وأنت مشوق ** ما بقاء الدموع في الآماق

وجوز أن يكون {بِغَيْرِ حِسَابٍ} حالًا من العطاء نحو {هذا بَعْلِى شَيْخًا} [هود: 72] أي هذا عطاؤنا متلبسًا بغير حساب عليه في الآخرة أو هذا عطاؤنا كثيرًا جدًّا لا يعد ولا يحسب لغاية كثرته، وأن يكون صلة العطاء واعتبره بعضهم قيدًا له لتتم الفائدة ولا يحتاج لاعتبار ما تقدم، وعلى التقديرين ما في البين اعتراض فلا يضر الفصل به، والفاء اعتراضية وجاء اقتران الاعتراض بها كما جاء بالواو كقوله:
واعلم فعلم المرء ينفعه ** أن سوف يأتي كل ما قدرا

وقيل: الإشارة إلى تسخير الشياطين، والمراد بالمن والإمساك إطلاقهم وإبقاؤهم في الأصفاد، والمن قد يكون بمعنى الإطلاق كما في قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} [محمد: 4] والأولى في قوله تعالى: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} حينئذٍ كونه حالًا من المستكن في الأمر، وهذا القول رواه ابن جرير.
وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وما روي عنه من أنه إشارة إلى ما وهب له عليه السلام من النساء والقدرة على جماعهن لا يكاد يصح إذ لم يجر لذلك ذكر في الآية، وإلى الأول ذهب الجمهور وهو اوظهر، وقرأ ابن مسعود {هذا فامنن أَوْ أَمْسِكْ عَطَاؤُنَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
{وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لزلفى} لقربة وكرامة مع ماله من الملك العظيم فهو إشارة إلى أن ملكه لا يضره ولا ينقصه شيئًا من مقامه.
{وَحُسْنُ مَئَابٍ} حسن مرجع في الجنة وهو عطف على {زلفى} وقرأ الحسن وابن أبي عبلة {وَحَسُنَ} بالرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف أي له، والوقف عندهما على {لزلفى} هذا وأمر سليمان عليه السلام من أعظم الأمور وكان مع ما آتاه الله تعالى من الملك العظيم يعمل الخوص بيده ويأكل خبز الشعير ويطعم بني إسرائيل الحواري أخرجه أحمد في الزهد عن عطاء، وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعًا» حيث أعطاه الله تعالى ما أعطاه وكان في عصره من ملوك الفرس كيخسرو فقد ذكر الفقيه أبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري في تاريخه أنه عليه السلام ورث ملك أبيه في عصر كيخسرو بن سباوش وسار من الشام إلى العراق فبلغ خبره كيخسرو فهرب إلى خراسان فلم يلبث حتى هلك ثم سار سليمان إلى مرو ثم إلى بلاد الترك فوغل فيها ثم جاوز بلاد الصين ثم عطف إلى أن وافى بلاد فارس فنزلها أيامًا ثم عاد إلى الشام ثم أمر ببناء بيت المقدس فلما فرغ سار إلى تهامة ثم إلى صنعاء وكان من حديثه مع صاحبتها ما ذكره الله تعالى وغزا بلاد المغرب الأندلس وطنجة وغيرهما ثم انطوى البساط وضرب له بين عساكر الموتى الفسطاط فسبحان الملك الدائم الذي لا يزول ملكه ولا ينقضي سلطانه. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

{وَوَهَبْنَا لِدَاوُادَ سُلَيْمَانَ} والهبة: عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق العوض، والجزاء الموافق لأعمال الموهوب له.
فسليمان: النعمة التامة على داود؛ لأن الخلافة الظاهرة الإلهية قد كملت لداود وظهرت أكمليتها في سليمان، وكذا على العالمين لما وصل منه إليهم من آثار اللطف والرحمة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أولادنا من مواهب الله، ثم قرأ: {يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ} (الشورى: 49).
روي: أن داود عليه السلام عاش مائة سنة ومات يوم السبت فجأة.
ويوم السبت لهم كيوم الجمعة لنا أتاه ملك الموت وهو يصعد في محرابه؛ أي: الغرفة وينزل.
وقال: جئت لأقبض روحك، فقال: دعني حتى أنزل وأرتقي، فقال: ما لي إلى ذلك سبيل، نفدت الأيام والشهور والسنون والآثار والأرزاق، فما أنت بمؤثر بعدها، فسجد داود على مرقاة من الدرج فقبض نفسه على تلك الحال.
وموت الفجأة رحمة للصالحين وتخفيف ورفق بهم إذ هم المنقطعون المستعدون، فلا يحتاجون إلى الإيصاء وتجديد التوبة ورد المظالم بخلاف غيرهم ولذا كان من آثار غضب الله على الفاسقين، وأوصى داود لابنه سليمان بالخلافة.
{نِعْمَ الْعَبْدُ} سليمان لصلاحية استعداده للكمال النوعي الإنساني وهو مقام النبوة والخلافة.
قال بعضهم: العبودية هي الذبول عن موارد الربوبية والخمول تحت صفات الألوهية.
{إِنَّه أَوَّابٌ} رجاع إلى الحضرة بإخلاص العبودية بلا علة دنيوية ولا أخروية أو رجاع إلى الله في جميع الأحوال في النعمة بالشكر وفي المحنة بالصبر.
^مسكين وجالس مسكينًا.
يقول الله تعالى: {وَشَارِكْهُمْ في الامْوَالِ وَالاوْلَادِ} (الإسراء: 64) فظهر من هذه الحكاية حال سليمان مع الله تعالى وكونه متخليًا عن المال فارغًا عن الملك في الحقيقة.
{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ} أي: اذكر ما صدر عنه إذ عرض عليه يقال: عرض له أمر كذا؛ أي: ظهر وعرضته له؛ أي: أظهرته وعرض الجند إذا أمرهم عليه ونظر ما حالهم.
{بِالْعَشِىِّ} هو من الظهر إلى آخر النهار.
{الصَّافِنَاتُ} مرفوع بعرض جمع صافن لا صافنة، لأنه لذكور الخيل وصفة المذكر الذي لا يعقل يجمع هذا الجمع مطردًا كما عرف في النحو.
والصفن: الجمع بين الشيئين ضامًا بعضهما إلى بعض يقال: صفن الفرس قوائمه إذا قام على ثلاث وثنى الرابعة؛ أي: قلب أحد حوافره وقام على طرف سنبك يد أو رجل.
والسنبك: طرف مقدم الحافر.
وهو من الصفات المحمودة في الخيل لا يكاد يتفق إلا في العربي الخالص.
{الْجِيَادُ} جمع جواد وجود وهو الذي يسرع في جريه تشبيهًا له بالمطر الجود.
كذا قاله صاحب كشف الأسرار، وكأنه جمع بين معنى الجيد والجواد.
قال في القاموس: الجواد السخي والسخية والجمع: الأجواد والجيد ضد الرديء والجمع: الجياد.
وقيل: الجواد هو: الفرس الذي يجود عند الركض؛ أي: العدو.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الجياد: الخيل السوابق، وإذا جرت كانت سراعًا خفافًا في جريها.
روي أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين، وهي قاعدة ديار ربيعة، فأصاب ألف فرس عربي، أو أصابها أبوه من العمالقة فورثها منه، وهذا على تقدير عدم بقاء قوله عليه السلام: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة» على عمومه أو يحمل على الاستعارة بعلاقة المشابهة في ثبوت ولاية التصرف، فإن لسليمان حق التصرف فيما تركه أبوه في بيت المال، كالدروع ونحوها كما كان للخلفاء حق التصرف فيما تركه نبينا عليه السلام، ولذا منع أبو بكر رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها عن الميراث حيث طلبته وذلك أن ما تركه عليه السلام من صفايا أموال النفير وفدك كان مصروفًا إلى نفقة نسائه كما في حياته لكونهن محبوسات عليه إلى وفاتهن.